فراشتي

لملمت شتاتي وخطوت خطواتٍ جريئة جلست أمام الحاسب وقررت أن أبدأ لم أكتب منذ زمن بدأت أنسى الأحرف وتتلاشى الكلمات من يداي وتهرب المعاني من الفؤاد …

معقول منذ زمن لم أحدثكِ يا فراشتي أعذريني لم يشغلني عنك إلا تلك الفتاة .. آآآآآآآآآآه ه ه ه ه ه

لا أعرف ما بها منذ ذالك اليوم وهي في عالم آخر ليس بالواقع ولا بالخيال هو عالم من إحدى تلكم العوالم لا أعرف ماذا أقول لها هل أمدها بالدعم وأقف إلى جانبها أم أعَنِفها وأبعدها عنه لكي تعود إلى هُنا ربما عَنَيتُ الواقع وربما عنيت هُنا وفقط هُنا …

حدثتني منذ فترة بصوت حزين جرحني من الصميم وعيناها  لو رأيتيهم تتلألئان بالدمع المترامي على وجنتها كأنه لؤلؤٌ منثور وقفت لا أعرف ماذا أفعل أأضمها وأُطمئِنُها أن الأمور ستكون على ما يرام أم أكون صارمة معها فحياةٌ جديدة تنتظرها ومسؤوليات لم تكن تتوقعها ستكون حِملاً عليها لابد لها من حمله …

نعم هو ذاك ما يخيفها وربما ما يُخيفني مِثلها ….. المجهول ….. ومَن مِنا لا يُقلقه هذا وخاصة عندما نعترف أن المجهول يأتي معه التغيير والتغيير صعب لا أقول أنه مستحيل لكنه ليس سهلاً …

حاولت يا فراشتي حاولت .. أن أقول أي شيء لها حاولت البحث بأعماقها وسبر غِوارها لكنها لا تسمعني أو ربما لم تراني ولم تكترث بي أشعر بكرهها لي أحياناً فأبتعد عنها ولكنها سرعان ما تعود إلي تترجاني للبقاء بات تقلب مزاجها يزعجني لا يبدوا أنها بخير هناك ما يقلق سِرها لكنه لم يكن واضح وجلي بالنسبة لي باتت غامضة كغموض الحياة ومكشوفة لي ككتابٍ مفتوح .

مُشكلتها أنها صامتة لا تتكلم … تصوري يا فراشتي بات الصمت مشكلة بِتُ أترجاها لتتكلم معي أو تناقشني لكنها عنيدة جداً مُصرة على ألاّ تخرج من تلك الحالة كُل ما تفعله التفكير والتفكير والتفكير … لم تعد تتحرك من فِراشها إلا للصلاة وإن كلمتني بعد طول صمت تتفوه بكلمات ثقيلة لا أفهم مُعظمها وأغلبها عميق جداً يحتاج لمن يعرف الغوص لأعماقه ليستخرج ما تعنيه … وأحياناًيفرغ شحني قبل أن أتوصل لما تعنيه..

بدى لي مما أراه أنها تموت أمام عينيّ لكنني أعرفها فما صمتها إلاّ هدوء مخيف يسبق عاصفة قوية لن يستطيع أحد إقافها إلا الله …

صدقيني يا فراشتي لم أعد أعرف أأخاف عليها أم أطمئن لرحمة الله بها .. تصوري منذ أيام حدثتني عن قتل نفسها وبرغبتها الشديدة بالموت بأي طريقة و قالت لي جملة غريبة كغرابة حالها ” إذا ماتتْ أنا إلتقيتُ بـ النحن ” .. لم أفهمها صدمتني بطلبها وربما هزني …. أيقظني … دخل صميم قلبي … هل دخلت حالت الإكتئاب .. !!! كيف لي أن أُخرجها ؟؟؟ ماذا أفعل..؟؟؟  إنها جزء مني وليس أي جزء إنها كذاتي … ما الذي تعانيه يا ترى ما الذي تراه ما الذي تفهمه وكيف لها ذالك بدوني ولماذا تفعل هذا ومن أين لها كل هذه القدرة على الصمت والتفكير .. تعودت على سماع صوتها كل يوم حتى بِتُّ أفتقده إن صمتت لبرهة …

فِعلاً عجيبة هيَّ الحياة أم غريبة لا أعرف صدقيني بِتُّ أشفق عليها فإنها مُدمرة … مُحطمة … مُنهارة … نصحتها مراراً ومرارا لكن لا يفيد العتب بعد وقوع القدر … قلت لها أنك مهما حدث معك فلا تتعلقي بأحد أو بشيء سواه لكن برائتها وصغر سنها وطفوليتها كانتا تقولان لي دعيها ستتعلم يوماً ما لكنني لم أتصور أن الكف التي ستأكله سيكون بهذه القوة وأنها ستكون بهذا الضعف … لكنني سرعان ما تذكرت أنها بالنهاية ………….. أُنثى ……………

من يرى أفعالها يقول أنها صلبة كالحديد ولا يتصور للحظة أن الضُغوطات تُذيُبها كنت أتوقعها ستزيد قوة وصلابة لذلك قسوت عليها فالحجر الذي لا يكسرك يقويك لكن فاجئني ضِعفها إنها كطفلة صغيرة تحتاج إلى مدارات كبيرة وإلى تَدرُج بكل ما أريد أن أحدثها به … كُل ما فعلته هو أن سمحت لها برؤية الحقيقة لعلي أُخطأ إن قلت أنني أنا من سمح لها لكن الله شاء أن ترى ما تراه من الحقيقة وتعرف ما تعرفه من الحقيقة دعيني لا أقول حقيقة بل أقول أنها أدركت وفَهِمت شيء جديد لم تكن تتخيله أو تتصور وجوده … وعندما حاورتني وجدّت أن لدي منه الكثير رغم بداهته بالنسبة لمن هو معتاد على مثل هذه الأمور إلا أنه كان صدمة كبيرة لها عسى الله أن يُخرجها منه بأسرع وقت …

يارب ماذا أفعل معها أأوكلها لك وأنسحب من حياتها أم أتدخل … يارب إني بحيرة من أمري ..ماذا عساي أفعل ..؟؟؟

يارب أرجوك إنها أمتك ابنت أمتك أبنت عبدك ناصيتها بيدك ماضٍ فيها حُكمك عدلٌ فيها قضاؤك أسئلك بكل إسم سميت به نفسك أو حفظته في علم الغيب عندك أو علمته أحداً من خلقك أن تجعل القرآن ربيع صدرها ونور قلبها وجلاء همها وحَزنها … فإني قد فقدت كل وسائل المساعدة التي بين يدي لإخراجها مما هي فيه …

يارب لقد رفضت مساعدتي لخدمتك وأصرت على الإعتزال والتفكير وربما الذِكر لكنني أراها بنظري المحدود تدخل عالماً ليس من المفترض لها دخوله لكنني أعود وأقول أنك لو لم تشاء ذالك لما حصل …؟؟؟!!!

وااا عجيااااه

عندما أعيد قراءة كتاباتي يبادر لذهني سؤال واحد هل كلامي ألغاز لا يفهمه الكثيرون أو أنه واضح لكن لا يتقنه الكثيرين أم أنه بين بين لا يعرف التحدث به  من أمرُّ بجانبهم ولعله كلام يخاف التحدث به الأغلبية ويتوقع بداهته الأقلية ويتحث به الجُدد ويتعمق به القُدامى …

لا أٌقول لكم وداعاً بل إلى لقاءٍ جديد مع فراشتي ….